كيف يمكن أن تؤثر حياة المدن سلباً على صحتنا

مما لا شك فيه أن العيش في المدن يعتبر من أهم أشكال التطور لسكان الأرض، ولكن الباحثين بدأوا الآن بتسليط الضوء على سلسلة من العوامل التي يؤثر فيها نمط الحياة الحضري بشكل كبير على الصحة.

إذا شعر الناس في الماضي بأن سكان الحضر يعانون من زيادة في متوسط ​​العمر المتوقع من خلال زيادة نوعية الحيا ، فإن الإحصاءات الطبية تظهر الآن أن أولئك الذين يعيشون في المناطق الحضرية يصابون في كثير من الأحيان بأمراض مزمنة (أمراض المناعة الذاتية، الاضطرابات النفسية، التهاب المفاصل، أمراض القلب أو السرطان أو العقم) وذلك بمراحل أكثر من الناس الذين يعيشون في المناطق الريفية.

التلوث الحضري وصحة الطفل

وجد باحثون في جامعة غرناطة في أسبانيا أن الأطفال المولودين في المدن يزنون أكثر من الأطفال في المناطق الريفية، هذا الأمر قد يبدو جيداً ومشجعاً. ومع ذلك تظهر التحليلات التي أجريت على النساء في البيئات الحضرية والريفية أن أولئك الذين يعيشون في المدن الكبرى لديهم مستوى أعلى بكثير من الملوثات الكيميائية التي تسمى xenoestrogens في الدم، مما يعرض أطفالهم للعديد من المشاكل الصحية.

Xenoestrogens قد يؤدي إلى التسبب في نمو الجنين بشكل مفرط داخل الرحم، القابلية للبدانة، فرط النشاط، البلوغ المبكر، مشاكل الخصوبة، سرطان الرئة والثدي أو البروستات.

النتيجة السلبية الأخرى لنمط الحياة الحضرية والتي تؤثر على نمو الأطفال، هي حقيقة أن معظمهم يبقون في منازلهم. حيث يتعرض الأطفال الذين يقضون معظم أوقاتهم في المنزل لخطر قصر النظر واضطرابات بصرية أخرى يمكن أن تزداد سوءاً مع تقدمهم في السن. وقد وجد الباحثون أن هذا يرتبط بالتعرض غير الكافي لأشعة الشمس، مما يؤدي إلى إفراز الدوبامين في شبكية العين ، وهو هرمون يثبط نمو مقلة العين.

نمط الحياة الحضرية وطول العمر

وجدت دراسة أجراها معهد ماكس بلانك أن فترات تكاثر الطيور أكثر تواتراً في المناطق الحضرية منها في المناطق الريفية. المسؤول عن هذه الظاهرة هو زيادة السطوع أثناء الليل: إن ثلث شدة الإضاءة الليلية في معظم المدن يكفي لجعل الطيور تتكاثر في وقت مبكر.

كلما زادت كمية الضوء الذي يتعرض له الناس في المدن الحضرية كلما أدى ذلك إلى تقليل مستوى الميلاتونين، وهرمون النوم. مما يسبب أيضاً زيادة عدد الجذور الحرة في الجسم. من المعروف أن هذه الجزيئات تسرع العملية الطبيعية للشيخوخة.

القلق

يقول الباحثون في جامعة هايدلبرج أنهم يستطيعون التعرف على البيئة التي يعيش فيها الشخص وقياس مستوى القلق لديه. إن سكان الريف أقل قلقاً من سكان المناطق الحضرية، حيث أن المنطقة المسببة للإجهاد في المخ غير نشطة تقريباً بالنسبة لهم. ومن ناحية أخرى يتعرض الأشخاص الذين يقودون نمط حياة حضري يومياً لمثيرات القلق، مثل ضغط الأداء، الضوضاء القوية أو الحاجة إلى التعامل مع المواقف الاجتماعية الصعبة.

أول أكسيد الكربون

أول أكسيد الكربون  ومعظمه ينبعث من السيارات  له تأثيران متعاكسان ومفاجئان. من جهة يقول الباحثون أن الغاز عديم الرائحة يمكنه تحييد مستوى الإجهاد الناجم عن الضوضاء في المدن الكبرى. وقد أثبتت مستويات منخفضة للغاية من أول أكسيد الكربون تم استنشاقها من قبل المتطوعين في إحداث حالة من الهدوء أثناء التعرض لتلوث السمع القوي. ومن ناحية أخرى فإن استنشاق كميات كبيرة من أول أكسيد الكربون مسؤول عن إنتاج مئات الوفيات الناجمة عن الحوادث كل عام.

في الوقت الحاضر يعيش أكثر من نصف سكان الأرض في المدن الحضرية. ولكن بسبب تزايد التلوث وتأثيرات الاحتباس الحراري العالمي، بدأت الحياة الحضرية تترك آثاراً ضارة واضحة على صحتنا وطول أعمارنا. بل يعتقد العديد من الناس الآن أن حياة المدينة يمكنها أن “تدفعنا إلى الجنون” وقد تكون هذه حقيقة.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*